مهد الحياة

على مدى ملايين السنين، صاغت قوى الطبيعة ملامح كوكبنا، فنحتت الجبال والكهوف والوديان والأودية السحيقة، في مشهدٍ يشبه معرضًا مفتوحًا لفنّ الأرض. وتشبه الجبال، بما تحمله من قممٍ وثلوجٍ وبحيرات، أبراجَ مياهٍ عملاقة تزود العالم بما يقارب 60٪ من المياه العذبة على سطحه.

في شبه الجزيرة العربية، ترسم الجبال قوسًا وعرًا يحيط بالصحارى، وتحتضن بفضل مناخها الأبرد أنظمةً بيئيةً فريدة؛ كواحاتٍ مرتفعة في السماء. ففي جنوب عُمان مثلًا، تغلّف الضباب جبال ظفار، فتزدهر على سفوحها غاباتٌ خضراء وسط محيطٍ من الأراضي الصحراوية المنخفضة. ومع ذلك، تواجه المجتمعات الجبلية وهذه النظم البيئية تصاعدًا في المخاطر؛ من التمدّن والضغط العمراني، إلى الظواهر المناخية المتطرّفة وأزمة المناخ التي تذيب الجليد الجبلي، وتُضعف استقرار المنحدرات، وتهدّد أمن المياه العذبة في العالم.

ومع أنّ الجبال تتعرّض لضغوطٍ متزايدة، فإنها ما تزال تحمل في طبقاتها كثيرًا من الحلول. فالتنوّع الحيوي والمحاصيل المحلية الأصيلة في شبه الجزيرة العربية يمثّلان نموذجًا لمرونة الطبيعة وقدرتها على التكيّف، ويقدّمان موارد وراثية  قيّمة لمساعدة المجتمعات على الصمود في عالمٍ آخذ في الاحترار.

في اليوم العالمي للجبال، ندعوكم إلى تأمّل الخطوط والارتفاعات والانخفاضات التي ترسم ملامح المشهد من حولكم؛ فهناك، على المنحدرات القريبة منكم، يمكنكم مشاهدة فنّ الأرض في أبهى تجلّياته.

تم إدراج هذه الصورة الفائزة بجائزة ضمن فئة "الكوكب" في مسابقة التصوير الخاصة بمؤتمر الأطراف (COP28)، وذلك في إطار تعاون بين "ذا كلايمت ترايب" وجائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي (HIPA). ويأتي هذا التعاون توظيفًا لقوة الصورة الفوتوغرافية في رفع الوعي العالمي بالاستدامة وتعزيز العمل المناخي.